حديقة السعادة
يحكى أن هناك فتاة من الطبقة المتوسطة اسمها ردين تبلغ من العمر ثلاثة عشرة سنة كانت هذه الفتاة حزينة وتحيط بها الكآبة لأنها تريد صديقة تفهمها وتحبها ولكنها لا توفق في الاختيار وكلما اختارت صديقة ترى أنها غير مناسبة لها ولا لطباعها فتتركها وأدى هذا الطبع عند ردين إلى ابتعاد كل زميلاتها عنها، عانت ردين هذه المشكلة سبعة سنوات، من الصف الأول إلى الصف السابع، وعندما انتهت ردين من دراستها في الصف السابع أتيحت الفرصة لوالدها أن ينتقل من مقر عمله إلى فرع آخر خارج البلاد... لم يرى الوالد مشكلة في نقله وهو يعلم مشكلة ابنته فهي لم تتعرف على صديقات حتى تفتقد لهم وأختها تخرجت من الثانوية وأخاها سوف ينتقل للمرحلة الثانوية وأخوها الأصغر صغير جدا ويبلغ من العمر سنتين فقط فقرر الانتقال...
انتقلت عائلة ردين إلى البلد الآخر وكانت بجانب منزلهم حديقة جميلة فراحت هي وأخاها الكبير يلعبان فيها يوميا قبل ذهابهما إلى المدرسة هناك ارتطمت ردين بفتاة في سنها فقالت لها: أنا آسفة سامحيني.. ردت الفتاة: لا عليك لم يحصل إلا الخير... يبدو أنك فتاة مهذبة!.. قالت ردين بخجل كبير: شكرا لك... قالت الفتاة: هل تقبلين أن تكوني صديقتي فأنا ليس لدي أصدقاء؟... ردت ردين عليها: هذا يسرني حقا فأنا ليس لدي أصدقاء مثلك.. ولكن أخبريني ما اسمك؟ ردت الفتاة: اسمي هو ديم وأنتي قولي لي ما اسمك؟ قالت ردين: اسمي هو ردين سررت بمعرفتك وصداقتك... قالت ديم: وأنا كذلك.. أنت تأتين إلى هنا يوميا وفي نفس الوقت أليس كذلك؟ قالت ردين: نعم أنا آتي مع أخي الأكبر بسام وأحيانا يكون معنا أخي الصغير سامر...
وعندما عادت ردين إلى المنزل كتبت كل ما حصل في مذكرتها وظلت تفكر طوال الليل في هذا الأمر خائفة من تركها لصديقتها الجديدة ديم ولكن ردين توكلت على الله...
ومرت الأيام وهما تدرسان وتلعبان وتكتبان وتزوران بعضهما وذات مرة كتبت في مذكرتها:-....
الحمد له لقد وجدت الصديقة التي أريدها ولقد أسميت تلك الحديقة التي التقينا فيها حديقة السعادة لأنها هي التي جعلتني التقي بالصديقة التي أريدها بعد فضل الله تعالى وإن شاء الله لن نفترق أبدا مهما حصل فلقد أخرجتني ديم من هذه الكآبة التي كانت تحيطني فهي المثل للصداقة...
وهكذا ظلت الفتاتان صديقتان رائعتان يأخذ منهما المثل في الصداقة ولكن الحكاية لم تنتهي فاقرأوا تكملة القصة...
وذات مرة عندما ذهبت ردين إلى الحديقة لم تجد صديقتها... ومرت أيام لم ترها وظلت ردين تراسل ديم وقتا طويلا عبر البريد الإلكتروني ولكن من غير فائدة ففكرت بزيارتها.. وعندما زارتها ردين وجدت أباها وأمها وجميع من كان في المنزل يبكون فسألت ردين عن السبب فقالوا: أنها سوف تموت ولم يبقى من عمرها إلا القليل فقد أصيبت بتضخم في القلب... قالت ديم وهي حزينة: كيف تموت كيف؟.. ثم سكتت لوهلة وأكملت كلامها قائلة: كيف تجزمون أنها ستموت وأنه لم يبقى لها إلا أياما قليلة الأعمار بيد الله فلا تجزموا من قول الأطباء...
أيقظ كلام ردين الأمل في قلوب العائلة وبدأوا يفعلون المستحيل لتتعافى ديم من مرضها واثقين أنها ستشفى بإذن الله تعالى...
وفي صباح أحد لأيام كانت ردين نائمة بجانب ديم بعد عمليتها فاستيقظت ديم قائلة: ردين أين أنت يا ردين أين أنت؟.. استيقظت ردين فزعة من نومها...
نعم لقد تماثلت ديم للشفاء هذا خبر مفرح عادت ديم إلى الحياة من جديد لقد فرح الجميع بهذا الخبر لقد بكوا من الفرح مثلما بكوا من الحزن وعادت الفتاتان تلعبان في الحديقة مثل الأول ولم تفترقا لأي سبب...
وبهذا تنتهي قصة حديقة السعادة التي دخلتها الفتاتان لتصبحا سعيدتين ولنعلم أن الصداقة حزن وسعادة وأن الغروب لا يحول دون الشروق فهذه هي الصداقة الحقيقية التي جسدتها هذه القصة... التضحية قبل المصلحة، الصبر على المصائب من أجل المحافظة على الصداقة، ولا ننسى العطاء قبل الأخذ فلا أحد منا يعلم متى سيأتيه الصديق الحقيقي فالله وحده هو العالم بكل شيء سبحانه وتعالى...
النهاية...