بعد رحيل سيدنا آدم وولده سيدنا شيث عليهما السلام اختار الله سبحانه وتعالى إدريس عليه السلام ليكون نبياً من بين جميع ولد آدم وليكون سادس من يحكم الأرض
كان سيدنا إدريس يتصف بالحكمة فقد أدرك ثلاثمائة وثماني سنين من حياة جده الخامس سيدنا آدم عليه السلام من مجموع الألف عام التي عاشها سيدنا آدم عليه السلام
عرف عن سيدنا إدريس الحكمة والفكر وجمال الوجه وخضوب اللحية وعرض المنكبين وتمام القامة وضخامة العظام وقلة اللحم وبراقة العينين وكثرة الصمت والتأني في الكلام وسكون الأعضاء وكانت بوجهه عبسة ( حزن ) وإذا مشى في الأرض كسر نظره
عندما تولى سيدنا إدريس الحكم والنبوة ظل على شريعة سيدنا آدم وولده شيث وأضاف عليها ما أملاه الله عليه ليشرعه
فلما رأى إعتداء قبيلة قابيل على المؤمنين وانتشار الفساد ،كان أول من قاتل في سبيل الله وأول من غنم (لكن لم تحل له الغنائم فأول من حلت له الغنائم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) فأعد سيدنا إدريس جيشاً بالخيول والمشاه حارب به وجاهد وانتصر به على فلول الفساد ومن هنا بدأ الصراع بين الخير والشر. ويذكر المفسرون عن سيدنا إدريس في قوله تعالى عنه بالقرأن الكريم: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً ورفعناه مكاناً علياً} مريم 56 ، 57
فقوله : {إنه كان صديقاً نبياً} أي أن الله يثنى على إدريس عليه السلام ويصفه بالصدق والنبوة
أما قوله سبحانه وتعالى : {ورفعناه مكاناً علياً} فيقول الحسن البصري رفعناه للجنة بدرجاتها العليا وعندما سأل بن عباس كعباً لعلمه الشديد بالديانة اليهودية عن معنى الآية فقال إن سيدنا إدريس أوحى إليه الله بأن يرفع له كل يوم مثل جميع عمل بني آدم "لعله من أهل زمانه" (أى يعطيه مثل ما يأخذه جميع بنى آدم من الثواب) فأحب أن يزداد عملاً فآتاه خليل (أى صاحب له) من الملائكة ..... فقال له سيدنا إدريس عليه السلام إن الله أوحى إليّ كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى أزداد عملاً (أزداد ثواباً) فحمل الملك سيدنا إدريس بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت فكلم ملك الموت فى الذى كلمه فيه إدريس فقال : وأين إدريس ؟ قال هو ذا على ظهرى ، فقال ملك الموت فالعجب بعثت ، وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة فجعلت أقول كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ؟
فاستأذن ملك الموت إدريس وسأله هل يوافق أن يقبض روحه ؟
فوافق سيدنا إدريس وقبضت روحه بالسماء الرابعة ورحل سيدنا إدريس تاركاً البشرية على شريعته وشريعة شيث وآدم عليهما السلام فظلت الأمة على التوحيد ألف عام من رحيل آدم وإن كان بها بعض الفساد ، إلى أن ظهرت الأصنام للمرة الأولى بالتاريخ بعد الألف عام